forked from OpenITI/barzakh
-
Notifications
You must be signed in to change notification settings - Fork 0
/
Copy path1107QadiSacidQummi.FawaidRadawiyya.Shia004006BK1-ara1.completed
2473 lines (2204 loc) · 194 KB
/
1107QadiSacidQummi.FawaidRadawiyya.Shia004006BK1-ara1.completed
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
331
332
333
334
335
336
337
338
339
340
341
342
343
344
345
346
347
348
349
350
351
352
353
354
355
356
357
358
359
360
361
362
363
364
365
366
367
368
369
370
371
372
373
374
375
376
377
378
379
380
381
382
383
384
385
386
387
388
389
390
391
392
393
394
395
396
397
398
399
400
401
402
403
404
405
406
407
408
409
410
411
412
413
414
415
416
417
418
419
420
421
422
423
424
425
426
427
428
429
430
431
432
433
434
435
436
437
438
439
440
441
442
443
444
445
446
447
448
449
450
451
452
453
454
455
456
457
458
459
460
461
462
463
464
465
466
467
468
469
470
471
472
473
474
475
476
477
478
479
480
481
482
483
484
485
486
487
488
489
490
491
492
493
494
495
496
497
498
499
500
501
502
503
504
505
506
507
508
509
510
511
512
513
514
515
516
517
518
519
520
521
522
523
524
525
526
527
528
529
530
531
532
533
534
535
536
537
538
539
540
541
542
543
544
545
546
547
548
549
550
551
552
553
554
555
556
557
558
559
560
561
562
563
564
565
566
567
568
569
570
571
572
573
574
575
576
577
578
579
580
581
582
583
584
585
586
587
588
589
590
591
592
593
594
595
596
597
598
599
600
601
602
603
604
605
606
607
608
609
610
611
612
613
614
615
616
617
618
619
620
621
622
623
624
625
626
627
628
629
630
631
632
633
634
635
636
637
638
639
640
641
642
643
644
645
646
647
648
649
650
651
652
653
654
655
656
657
658
659
660
661
662
663
664
665
666
667
668
669
670
671
672
673
674
675
676
677
678
679
680
681
682
683
684
685
686
687
688
689
690
691
692
693
694
695
696
697
698
699
700
701
702
703
704
705
706
707
708
709
710
711
712
713
714
715
716
717
718
719
720
721
722
723
724
725
726
727
728
729
730
731
732
733
734
735
736
737
738
739
740
741
742
743
744
745
746
747
748
749
750
751
752
753
754
755
756
757
758
759
760
761
762
763
764
765
766
767
768
769
770
771
772
773
774
775
776
777
778
779
780
781
782
783
784
785
786
787
788
789
790
791
792
793
794
795
796
797
798
799
800
801
802
803
804
805
806
807
808
809
810
811
812
813
814
815
816
817
818
819
820
821
822
823
824
825
826
827
828
829
830
831
832
833
834
835
836
837
838
839
840
841
842
843
844
845
846
847
848
849
850
851
852
853
854
855
856
857
858
859
860
861
862
863
864
865
866
867
868
869
870
871
872
873
874
875
876
877
878
879
880
881
882
883
884
885
886
887
888
889
890
891
892
893
894
895
896
897
898
899
900
901
902
903
904
905
906
907
908
909
910
911
912
913
914
915
916
917
918
919
920
921
922
923
924
925
926
927
928
929
930
931
932
933
934
935
936
937
938
939
940
941
942
943
944
945
946
947
948
949
950
951
952
953
954
955
956
957
958
959
960
961
962
963
964
965
966
967
968
969
970
971
972
973
974
975
976
977
978
979
980
981
982
983
984
985
986
987
988
989
990
991
992
993
994
995
996
997
998
999
1000
######OpenITI#
#META# 000.SortField :: Shia_004006
#META# 000.BookURI :: NOCODE
#META# 010.AuthorAKA :: NODATA
#META# 010.AuthorNAME :: القاضي سعيد القمي
#META# 011.AuthorBORN :: NOTGIVEN
#META# 011.AuthorDIED :: ق 6
#META# 019.AuthorDIED :: NODATA
#META# 020.BookTITLE :: التعليقة على الفوائد الرضوية
#META# 020.BookTITLESUB :: NODATA
#META# 021.BookSUBJ :: من مصادر العقائد عند الشيعة الإمامية
#META# 022.BookVOLS :: 1
#META# 025.BookLANG :: NODATA
#META# 029.BookTITLEalt :: NODATA
#META# 030.LibURI :: Shia_004006
#META# 030.LibURIextra :: NODATA
#META# 031.LibREADONLINE :: http://shiaonlinelibrary.com/الكتب/4006_التعليقة-على-الفوائد-الرضوية-القاضي-سعيد-القمي
#META# 031.LibURL :: NODATA
#META# 031.LibURLFILE :: NODATA
#META# 031.LibURLextra :: NODATA
#META# 040.EdALL :: NODATA
#META# 040.EdEDITOR :: NODATA
#META# 041.EdNUMBER :: NODATA
#META# 041.EdNumber :: NODATA
#META# 043.EdPUBLISHER :: NODATA
#META# 044.EdPLACE :: NODATA
#META# 045.EdYEAR :: NODATA
#META# 049.EdISBN :: NODATA
#META# 049.EdPAGES :: NODATA
#META# 049.EdPHYSICAL :: NODATA
#META# 049.EdVOLUME :: NODATA
#META# 090.RecMISC :: NODATA
#META# 999.MiscINFO :: NODATA
#####SUBJECT#BIBLIOGRAPHY#
#META#Header#End#
### |EDITOR|
# التعليقة على الفوائد الرضوية
PageV00P002
# بسم الله الرحمن الرحيم وله الحمد كفاء آلائه، وزنة فضله ونعمائه،
~~والصلاة والسلام على خاتم أنبيائه، ورحمته وبركاته على آله وصفوة أوليائه،
~~الذين حملوا عنه ما عن الله حمله، وعقلوا منه ما عن الله عقله، ولذا قرنهم
~~بمحكم الكتاب، وجعلهم قدوة لأولي الألباب، صلوات الله عليهم، ما هفت قلوبنا
~~إليهم.
# وبعد: فإنا نزف هذا الكتاب الكريم الموسوم ب " الفوائد الرضوية " إلى
~~أعلام الفضل من العلماء الراسخين في المعارف الإلهية، والمحققين من أولي
~~الأنظار الثاقبة والغور البعيد في علوم الدين، ونقدمه لهم بهذا الشكل
~~الجميل من الإخراج، وبهذه الهيئة الأخاذة المزدانة بالتعاليق الزاخرة،
~~والتخريجات النافعة، وغير ذلك من الخصائص والمميزات التي تعود على الباحثين
~~بأجزل الفوائد وأرجى المنافع.
# ولا يخفى فإن هذه الرسالة المباركة هي في الأصل من بنات يراعة العالم
~~الفاضل والحكيم العارف القاضي سعيد القمي - رحمه الله تعالى - وقد شرح فيها
~~حديث رأس الجالوت مع الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام (1) وقد
PageV00P009
# وقف عليها زعيم الثورة الإسلامية المباركة آية الله العظمى الإمام السيد
~~الخميني الكبير - قدس سره - فصوب نظره وصعده في أثنائها وأحناءها، وعلق
~~عليها تعاليق زاهرة زاخرة مشحونة بالتحقيق، حافلة بالمعارف، طافحة
~~بالأنوار، وهو هو البحر المحيط الذي لا يسبر غوره، ولا ينال دركه، ذو بسطة
~~في سائر العلوم الإسلامية، وما إليها من المعارف والفنون، وذو الملكة
~~القدسية الراسخة الفريدة في المعقول والمنقول.
# جمعت معاني الحمد جمعا فلم أكن * لأحصي بالألفاظ تلك المعانيا مناقبك
~~الزهر استضاءت فأصبحت * تفاخر في أوج السماء الذراريا القاضي سعيد هو محمد
~~سعيد بن محمد مفيد القمي المعروف بالقاضي سعيد والملقب
PageV00P010
# بالحكيم الصغير، ولد سنة 1049 ه فتألق في سماء المعارف الدينية الشيعية،
~~حتى بلغ الذروة في الكمالات الروحية والكشفية، حتى عد في طليعة أفاضل حكماء
~~إيران وعرفائها أثناء العهد الصفوي، فكان بذلك من قادة الفكر في ذلك العصر.
# وإضافة إلى تمهره وتخصصه - رحمه الله - في المباحث الصوفية والعرفانية
~~والحكمة المشائية والإشراقية، كان قد جمع من العلوم الرياضية والطبية
~~وغيرها ms01 شيئا كثيرا، وتبحر في العلوم الفقهية والحديثية والرجالية
~~والتفسيرية، وكان دأبه البحث عن غوامض العلوم على الاتصال، فارتشف من
~~المعارف من سلسال محمد وآل محمد وسلسبيله السائغ.
# وتبوء منصب القضاء لرسوخ ملكته في الفقه وإحاطته بأبوابه، فكانت له ثمة
~~إمامة دينية وزعامة زمنية، ولذا سمي ب (القاضي).
# تتلمذ في العلوم العقلية وما إليها من فنون على يد الملا محسن الفيض
~~الكاشاني، والحكيم المحقق عبد الرزاق اللاهيجي، والعارف العالم الملا رجب
~~علي التبريزي.
# وتأثر كثيرا في علوم العرفان والحكمة المتعالية بالفيض، وفي الحكمة
~~البحثية والمشائية بالملا رجب علي، والملا عبد الرزاق، حتى توسط باحة
~~الفضلاء وأخذ منها مكانه.
# وعلى هذا فإنه كان يقرر آراء الملا صدرا ويغوص في بيان معاني الكلمات
~~الواردة عن أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام فيؤولها تأويلا عرفانيا
~~أكثر مما ورد في شروح الملأ صدرا وتعليقاته، وهذا يعني أنه انغمر في التصوف
~~وتعمق في التأويلات التي لا تخلو أحيانا من الإفراط والمبالغة أكثر من
~~الفيض وصدر الدين الشيرازي.
PageV00P011
# رأي الإمام الخميني قدس سره فيه لو أردنا أن ننظر إلى القاضي سعيد من
~~منظار الإمام الخميني قدس سره للاحظنا أنه يجسد برأيه أحد أساطين الحكمة
~~والمعرفة الإسلامية، الأمر الذي أشار إليه مرارا وتكرارا في حياته الشريفة،
~~مثمنا دوره، مشيدا بمكانته وفضيلته وعلمه.
# يقول أحد تلامذة الإمام رحمه الله: إنه - أي الإمام - كان يعبر عن احترام
~~خاص لمحيي الدين في المدرسة السنية، ولصدر المتألهين والقاضي سعيد القمي في
~~مدرسة أهل البيت، ما ذلك إلا لسبب المنهل العرفاني الرحيق الذي نهلوا منه،
~~ولهذا تراه يكن لهم كل احترام، ويقدرهم غاية التقدير، فقد جاء - مثلا - في
~~كتابه (آداب الصلاة) ما نصه:
# وبالجملة فإن نسبة فلسفة حكماء الإسلام الحالية والمعارف الجليلة لأهل
~~المعرفة إلى حكمة اليونان إنما تدلل على الجهل بكتب القوم مثل كتب الفيلسوف
~~الإسلامي العظيم الشأن صدر المتألهين قدس سره، وأستاذه العظيم المحقق
~~الداماد قدس سره، وتلميذه الجليل الفيض الكاشاني قدس سره، والتلميذ العظيم
~~الشأن للفيض والعارف الجليل الإيماني القاضي ms02 سعيد القمي قدس سره (1).
# ويقول في بداية التعليقة على شرح حديث رأس الجالوت:
# وبعد فإن مما وفقني التأييدات الربوبية، وأيدني التوفيقات القدسية
~~الألوهية، هو الاستسعاد بزيارة هذا الحديث القديس، النازل عن سماء الوحي
~~والتقديس، وشرحه الذي أفاده شيخ العرفاء الكاملين، قدوة أصحاب القلوب
PageV00P012
# والسالكين، كاشف إشارات الأخبار ورموزها، مخرج لباب الآثار وكنوزها، فخر
~~الطائفة وعينها، وذخر أهل المعرفة وزينها، المؤيد بتأييدات الرب المجيد،
~~القاضي الشريف السعيد، أفاض الله عليه من أنوار رحمته الواسعة، وتجلى عليه
~~بالأنوار الباهرة (1).
# ويقول في موضع آخر:
# وما ذكر هذا العارف العظيم، والسالك على الصراط المستقيم، قدس الله نفسه،
~~وروح رمسه، تحقيق رشيق، وكلام عرفاني دقيق، كيف وهو من أعظم عرفاء الشيعة،
~~وأكرم أمناء الشريعة (2).
# الخصائص الفكرية للقاضي سعيد
PageV00P013
# ويقول في (مصباح الهداية): إني لأتعجب من العارف المتقدم ذكره - القاضي
~~سعيد - مع علو شأنه وقوة سلوكه، كيف ذهل عن ذلك المقام الذي هو مقام نظر
~~العرفاء العظام، حتى حكم بنفي الصفات الثبوتية عن الحق جل شأنه، وحكم بأن
~~الصفات كلها ترجع إلى معان سلبية (1).
# 3 - إنه يقول بالاشتراك اللفظي بين الأسماء الإلهية والخلقية، وقد ألف
~~رسالة في الاشتراك اللفظي لأسماء الله تعالى وأوردها في مقدمة كتاب (كليد
~~بهشت) (2).
# يقول الإمام رحمه الله في (مصباح الهداية) أيضا: وأعجب منه الحكم
~~بالاشتراك اللفظي بين الأسماء الإلهية والخلقية والصفات الواقعة على الحق
~~والخلق (3).
# 4 - إنه يقدم القدر على القضاء خلافا للمشهور فقد ورد في الفوائد: ثم
~~اعلم أن بعد وجود التعليمات التي هي مظهر القدر يقضي الله بوجود الأشخاص
~~الكونية، فتلك الأشخاص مطلع القضاء الإلهي ومظهر الحكم الحتم الرباني، هكذا
~~ينبغي أن يفهم مراتب الخصال والأسباب من العلم والمشية والإرادة والقدر
~~والقضاء من رب الأرباب (4).
# 5 - إنه يقول: إن ما يوصف بوصف له صورة. وهذا الرأي يثير استغراب الإمام
~~رحمه الله فيرد عليه في مصباح الهداية: وأعجب من الأعجب ما سلك في الطليعة
~~الأولى من البوارق الملكوتية من أن ما يوصف بوصف فله صورة، لأن الوصف أعظم
~~الحدود للشئ في المعاني ولا ms03 إحاطة أوضح من إحاطة الصفة في
PageV00P014
# العوالي وجعل ذلك سر ما ورد في الخبر (إن الله لا يوصف) مع ذهابه قدس سره
~~في تلك الرسالة على ما سمعت في المصابيح السابقة إلى أن كل الأسماء مشتمل
~~على جميع مراتب الأسماء، فإذا كانت الأسماء كل الحقائق فلها مقام الإطلاق
~~كما للاسم الله فكانت لمبادئها التي هي الصفات مقام الإطلاق.
# ثم يقول الإمام رحمه الله:
# وظني أن ذهابه إلى ذلك لعدم استطاعته على جمع الأخبار فوقع فيما وقع (1).
# 6 - يسلك القاضي سعيد مسلك فلاسفة الحكمة البحثية، ويقول: بأن العقل
~~الأول هو الصادر الأول، إلا أن الإمام رحمه الله اعتبر المشيئة الإلهية
~~الصادر الأول طبقا للمأثور (خلق الله الأشياء بالمشية والمشية بنفسها) (2)،
~~فقال في التعليقة:
# إن العلة صورة تمامية المعلول وشيئية الشئ بصورته التامة، فالجواب عن
~~الواحد المتكثر - الذي هو مقام العقل على تحقيق هذا العارف الكامل، ومقام
~~المشية المطلقة على رأي هذا الفقير العاطل - جواب عن سائر الحقائق المسؤول
~~عنها.
# أما على طريقنا فظاهر، فإن المشية المطلقة مقام فاعلية الحق المتعال
~~وإلهية القيوم ذي الجلال، وقد ورد من طريق أهل بيت الوحي والتنزيل - عليهم
~~صلوات الرب الجليل - (خلق الله الأشياء بالمشية والمشية بنفسها).
# وأما على طريقته - قدس الله نفسه - فلأن العقل أول صادر من رب العزة وأول
~~ظهور من مظاهر المشية، على ما ساق إليه البراهين العالية (3).
PageV00P015
# ويقول في صفحة ٩٨ من التعليقة:
# وسر التعبير عن مقام المشية المطلقة بالواحد المتكثر، وعن الموجود العقلي
~~بالمتكثر المتوحد هو أن المشية لها الوحدانية الذاتية الحقيقية ظل
~~الوحدانية الحقة الحقيقية وليس فيها تكثر بحسب الذات ولا تعدد الجهات
~~والحيثيات، وهي الأمر الواحد المشار إليه بقوله تعالى: * <a class="quran"
~~href="http://qadatona.org/عربي/القرآن-الكريم/54/54" target="_blank"
~~title="القمر 54">﴿وما أمرنا إلا واحدة﴾</a> (1) وإنما التكثر باعتبار
~~تلبسه بلباس التعينات وتنزله في منازل المقيدات، وهذا هو التكثر العرضي،
~~ولا تكثر في نظر أرباب المشاهدات، وهو مقام الألوهية والربوبية والقيومية
~~والقدوسية ومقام الأسماء والصفات والرحمانية والرحيمية الفعلية، وأما
~~الموجود العقلي فقد عرفت حاله ومرجعه ومآله.
# وما ذكر ms04 هذا العارف العظيم والسالك على الصراط المستقيم - قدس الله نفسه
~~وروح رمسه - تحقيق رشيق وكلام عرفاني دقيق كيف؟ وهو من أعظم عرفاء الشيعة
~~وأكرم أمناء الشريعة، ولكن ما ذكرنا مع قصور النظر وعمى القلب والبصر بمقام
~~السير العلمي أليق وبحضرة الكبرياء ألصق.
# مضافا لذلك، فقد أورد الإمام إشكالات أخرى على شرح القاضي، ذكرها على نحو
~~لا يمس احترامه الفائق له، ويمكن مراجعتها على صفحات الكتاب هذا.
# مؤلفاته:
# يقول صاحب الذريعة رحمه الله:
# أراد المؤلف أن يؤلف أربعين رسالة ولم يمهله الأجل.
# وإليكم جملة ما عثرنا عليه من أسماء كتب ومصنفات نسبت إليه في
PageV00P016
# معاجم الرجال وكتب التراجم وهي كالتالي:
# 1 - أسرار الصلاة، طبع في حاشية شرح الهداية للملا صدرا.
# 2 - أسرار الصنايع، في الصناعات المنطقية الخمسة (الشعر والخطابة والجدل
~~والبرهان والمغالطة).
# 3 - حاشية على شرح الإشارات للخواجة.
# 4 - شرح توحيد الصدوق رحمه الله في ثلاثة مجلدات مخطوطة.
# 5 - شرح حديث البساط.
# 6 - شرح حديث الغمام.
# 7 - كليد بهشت (مفتاح الجنة) رسالة في الاشتراك اللفظي للأسماء
~~بالفارسية.
# 8 - مرقاة الأسرار ومعراج الأنوار.
# 9 - إشارة وبشارة.
# 10 - النفحات الإلهية والخواطر الإلهامية..
# 11 - الأنوار القدسية.
# 12 - المقصد الأسنى.
# 13 - الحديقة الوردية في سوانح المعراجية.
# 14 - البرهان القاطع والنور الساطع.
# 15 - الطلائع والبوارق.
# 16 - رسالة في الفلسفة الإلهية.
# 17 - رسالة في اتحاد العاقل والمعقول.
# 18 - الجبر والاختيار.
# 19 - فضل العلم والعالم والمتعلم.
# 20 - الفوائد الرضوية.
PageV00P017
# كتاب الفوائد الرضوية:
# الفوائد الرضوية أو شرح حديث رأس الجالوت (أكبر علماء اليهود) ويتناول
~~بالشرح جواب الإمام الرضا عليه السلام للعالم اليهودي الذي سأله:
# يا مولاي ما الكفر والإيمان؟ وما الكفران؟ ما الجنة والنيران؟ وما
~~الشيطانان اللذان كلاهما المرجوان؟ وقد نطق كلام الرحمن بما قلت. حيث قال
~~في سورة الرحمن: * (خلق الإنسان * علمه البيان) * (1)؟
# فلما سمع الرضا عليه السلام كلامه لم يحر جوابا، ونكت بإصبعه الأرض وأطرق
~~مليا، فلما رأى رأس الجالوت سكوته عليه السلام حمله على عيه وشجعته نفسه
~~بسؤال آخر، فقال: يا رئيس المسلمين، ما الواحد المتكثر والمتكثر المتوحد
~~والموجد الموجد والجاري المنجمد والناقص الزائد؟
# فلما سمع الرضا عليه السلام كلامه ورأى تسويل نفسه له، قال: أيش ms05 تقول يا
~~ابن أبيه، وممن تقول ولمن تقول؟ بينا أنت أنت صرنا نحن نحن، فهذا جواب
~~موجز.
# وأما الجواب المفصل، فأقول: اعلم إن كنت الداري والحمد لله الباري، أن
~~الكفر كفران، كفر بالله وكفر بالشيطان وهما السيان المقبولان المردودان
~~أحدهما الجنة والآخر النيران وهما اللذان المتفقان المختلفان وهما
~~المرجوان، ونص به الرحمن حيث قال: * (مرج البحرين يلتقيان * بينهما برزخ لا
~~يبغيان فبأي آلاء ربكما تكذبان) * (2).
# ويعلم قولنا من كان من سنخ الإنسان وبما قلنا ظهر جواب باقي سؤالاتك
~~والحمد لله الرحمن والصلاة على رسوله المبعوث على الإنس والجان ولعنة الله
PageV00P018
# على الشيطان.
# فلما رأى الجالوت كلامه عليه السلام بهت وتحير وشهق شهقة. وقال:
# أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأنك ولي الله ووصي رسوله
~~ومعدن علمه حقا حقا.
# ويشرح القاضي بمهارته الخاصة هذا الحديث الشريف، ويخوض في لججه بذوق
~~عرفاني ونطق قرآني مما يثير استحسان الإمام رحمه الله وثنائه عليه في كل
~~موضع وفقرة، ويبادر إلى كتابة تعليقة عليه إتماما للفائدة الكامنة في
~~الأسرار التي أودعها القاضي في شرحه والتي يتعذر على الآخرين كشفها وفهمها.
# أبرز فقرات الكتاب رغم أن هذا الشرح بمجمله ينطوي على تحقيق وتدقيق ببيان
~~رقيق ودقيق ولكن تتألق بعض فقراته وتبرز بشكل خاص من بين أجزاء الكتاب
~~وأبوابه، وفيما يلي نكتفي بذكر أبرز تلك الفقرات:
# قد عرفت أن الشيطان هنا عبارة عما سوى الله، فاعلم أن الكفر بالشيطان هو
~~اعتقاد أن العالم غيب ما ظهر قط، وإنما الظاهر هو الله فحسب، وهذا كفر
~~محققي الصوفية حيث زعموا أنه سبحانه ظهر بصورة كل شئ، فهذا الزاعم أخفى
~~الشئ الذي هو السوي - أي: العالم - وهو الكفر بالشيطان. ولا تتوحش من ذلك
~~فإنه أعلى درجات بالنظر إلى قوم، ولكن (حسنات الأبرار سيئات المقربين).
# قال صاحب الفتوحات: إن العالم غيب لم يظهر قط، والحق هو الظاهر ما غاب
~~قط، والناس في هذه المسألة على عكس الصواب فإنهم يقولون: إن الحق تعالى غيب
~~والعالم هو الظاهر فهم ms06 بهذا الاعتبار في مقتضى هذا الشرك.
# أقول: وقد غفل هذا العارف عن الشرك اللازم من زعمه، حيث حكم
PageV00P019
# بظهور الحق تعالى وخفاء العالم، وهو أيضا من أنحاء الشرك الخفي.
# وأما الإيمان الحقيقي فهو الاعتقاد بأن الله هو الظاهر الباطن والشاهد
~~الغائب فهو الظاهر إذا طلبته في البطون، وهو الباطن إذا تفحصت عنه في
~~الظهور وهو المنزه عنهما إذا طلبته بكليهما وأن العالم ظاهر بالله خفي
~~بذاته، فتعرف فإنه باب عظيم للتوحيد (1).
# وقال الإمام رحمه الله في تعليقته:
# ولا يكون عن هذا الشرك خالصا إلا من يرى استهلاك جميع الموجودات ذاتا
~~وصفة وشأنا في الحق القيوم، بل التوحيد التام هو التحقق بهذا المقام (2).
# الإمام والفوائد يعتبر شرح حديث رأس الجالوت أول رسالة للقاضي سعيد
~~يراجعها الإمام رحمه الله كما جاء في مقدمة التعليقة، فيشمر سماحته عن ساعد
~~الجد للتعليق عليها، لأن أسرار هذا الكتاب تحتاج إلى كشف، وأستارها إلى
~~إزاحة، ويقدم على كتابة تعليقة بمستوى الكتاب أو أفضل منه، ويودعها جواهر
~~يتلألأ ما بين سطورها، ولعل من أبرزها قوله:
# إن عود الموجودات إلى الله تعالى بتوسط الولي المطلق صاحب النفس الكلية
~~الإلهية وواجد مرتبة العقل، وأن الموجودات بمنزلة القوى والآلات والمتفرعات
~~من وجود الإنسان الكامل، فكما أن بدو إيجادها من الحضرة الغيب بتوسط رب
~~الإنسان الكامل، وفي الحضرة الشهادة بتوسط نفس الإنسان الكامل كذلك عودها
~~وختمها.
# ولهذا كانت استقامة الأمة استقامة رسول الله صلى الله عليه وآله وورد
PageV00P020
# منه صلى الله عليه وآله عند قوله تعالى - في سورة هود - * (فاستقم كما
~~أمرت) * (1) " شيبتني سورة هود "، لمكان هذه الآية، وإلا فهو صلى الله عليه
~~وآله بوجوده المقدس ميزان الاستقامة.
# وورد في بعض الأدعية عند الدعاء لبقية الله في الأرضين وحجة الله على
~~العالمين صاحب الأمر صلوات الله عليه وأرواحنا له الفداء بقوله: " أمنا
~~يعبدك لا يشرك بك شيئا " مع كونه روحي له الفداء خالصا عن أنحاء الشرك فعلا
~~وصفة وذاتا، فشرك الأمة وعبادتهم يعد منه لكونه الأصل وسائر الناس من فروعه
~~(2).
# وهنا ms07 يمكن أن نتحسس ألطف أفكار الإمام، مما تستحق أن تدون بماء الذهب على
~~الصدور، في أنه اعتبر عود الموجودات إلى الله تعالى بتوسط الولي المطلق
~~صاحب النفس الكلية الإلهية، واجد مرتبة العقل، وأن الموجودات بمنزلة القوى
~~والآلات من وجود الإنسان الكامل.
# والولي المطلق هو النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، ومصداقه في الحال
~~الحاضر إمام العصر سلام الله عليه، ولهذا فإن عودة كل الموجودات إلى الحضرة
~~الإلهية يكون بتوسطه.
# النسخ المعتمدة في التحقيق:
# اعتمدنا على تحقيق شرح القاضي سعيد عدة نسخ هي كالتالي:
# 1 - النسخة المحفوظة في مكتبة مجلس الشورى الإسلامي بطهران، وهي ضمن
~~مجموعة تحت رقم 1 / 4637 ورمز هذه النسخة " ر ".
# 2 - نسخة أخرى محفوظة أيضا في مكتبة مجلس الشورى الإسلامي بطهران ضمن
~~مجموعة تحمل رقم 9 / 5500 ونرمز لها ب " م ".
PageV00P021
# 3 - النسخة المرقمة 4353 وهي في خزائن مكتبة آية الله العظمى السيد
~~النجفي المرعشي قدس سره ورمزها " س ".
# 4 - نسخة أخرى محفوظة في مكتبة آية الله العظمى السيد النجفي المرعشي قدس
~~سره لم تدخل بعد في سلك فهرست المكتبة ورمزنا لها ب " ل ".
# وعلى حواشيها كتبت تعليقات السيد الإمام (قده).
# وقد وقفنا عليها بمساعدة عميد المكتبة سماحة حجة الإسلام والمسلمين
~~الدكتور السيد محمود النجفي المرعشي حفظه الله تعالى.
# منهج التحقيق:
# 1 - اتبعنا في ضبط النص على منهج التلفيق بين النسخ الخطية.
# 2 - تقطيع النصوص على المنهج المعروف المألوف عند ذوي الخبرة، لإبرازه
~~بشكل علمي متناسق.
# 3 - استخراج الآيات القرآنية والإشارة إلى اسم السورة الشريفة ورقم الآية
~~المباركة فيها.
# 4 - استخراج الأحاديث والأدعية والزيارات من مصادرها.
# 5 - استخراج أقوال وآراء العلماء والمصنفين من مظانها.
# 6 - توضيح اللغات المشكلة.
# 7 - عملنا في آخر الكتاب عدة فهارس فنية جامعة، تعين الباحث وترشد المحقق
~~إلى ما يصبو إليه بسهولة ويسر.
# وهنا لا بد أن ننوه بجهود الإخوة المحققين المباركة في مؤسستنا لما بذلوه
~~من جهد وعناء في سبيل إخراج هذا السفر القيم المبارك، داعين الله سبحانه
~~وتعالى لهم بالتأييد والتسديد. ونرجو الله تعالى أن يتقبل هذا المجهود بعين
~~لطفه وكرمه وأن يرعاه بالقبول.
PageV00P022
# هذا ونحن نضع ms08 لمساتنا الأخيرة لتقديم هذا الكتاب فاجأنا القضاء بمصيبة
~~ملمة أقضت جامعة المسلمين، ألا وهي فقد الرجل الأوحد بقية الإمام الراحل
~~سماحة حجة الإسلام والمسلمين الحاج السيد أحمد الخميني رضوان الله تعالى
~~عليه، الذي كان مجاهدا لا يعرف الكلل، ومخلصا واعيا وعالما مضحيا في سبيل
~~الثورة الإسلامية.
# نسأل الله تعالى علو الدرجات للفقيد السعيد وأن يحشره مع أوليائه
~~الطاهرين. وإنا لله وإنا إليه راجعون.
# قسم التحقيق - مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني قدس سره فرع قم
~~المقدسة 2 / ذو القعدة الحرام / 1415 ه ق 14 / 1 / 1374 ه ش
PageV00P023
# نماذج مصورة من مخطوطات النسخ المعتمدة في التحقيق
PageV00P025
# الصفحة الأولى من نسخة " ل "
PageV00P027
# الصفحة الأخيرة من نسخة " ل "
PageV00P028
# الصفحة الأولى من نسخة " م "
PageV00P029
# الصفحة الأخيرة من نسخة " م "
PageV00P030
# الصفحة الأولى من نسخة " س "
PageV00P031
# الصفحة الأخيرة من نسخة " س "
PageV00P032
# الصفحة الأولى من نسخة " ر "
PageV00P033
# الصفحة الأخيرة من نسخة " ر "
PageV00P034
### | [مقدمة المؤلف]
PageV00P037
# الحمد لله الواحد ms09 (1) المتوحد، والفرد المتفرد، الذي توحد بالتوحيد في
PageV00P038
# توحده، وتفرد بالتفريد (1) في تفرده، انبجست (2) منه الكثرات بجملتها
~~لوحدته، وابتدأت منه الموجودات (3) برمتها (4) لفرديته، سبحانه وتعالى في
~~كبرياء تقدسه، والصلاة على نبي الرحمة، ومجمع بحري الوحدة والكثرة إنسان
~~العين، وعين الإنسان، والعالم بالبيان، محمد المبعوث على الإنس والجان (5)
~~والمنعوت بنعوت الفرقان، والموصوف بأن خلقه القرآن (6) وعلى وصيه الذي تشعب
~~منه أولاد النبي، وتأحد معه في سيره الأنواري بالنص الجلي (7) وعلى آله
~~الذين هم تقاسيم وجود النبي والولي، وهم أولياء الرحمن، والمقصود من إيجاد
~~الأكوان (8) ما جرى الجاري على الجامدات، وفضل الزائد على الناقصات.
# أما بعد: فالفقير إلى الله الغني، والمتمسك بحبل النبي الأمي، محمد
~~المشتهر بسعيد الشريف القمي يقول: إن الحكمة كل الحكمة، ما ورد في الكتاب
~~والسنة ms10، والعلم حق العلم ما صدر عن مدينة العلم (9) وإن في أخبار الأئمة
~~الطاهرين لبلاغا لقوم عابدين، إن في ذلك لذكرى للعالمين، كيف لا؟
PageV00P039
# وهم عليهم السلام أهل بيت الحكمة، ومعدن الوحي والرسالة (1) (فالكليم
~~البس حلة الاصطفاء لما شاهدوا منه الوفاء، وجبرئيل في جنان الصاغورة (2)
~~ذاق من حدائقهم الباكورة) (3) وأنى يكون لغيرهم، وفيهم الإمام المبين، وقال
~~عز من قائل:
# * (وكل شئ أحصيناه في إمام مبين) * (4).
# ثم إن في الخبر الذي رواه أصحابنا، ودار في ألسنة إخواننا رضوان الله
~~عليهم، وأثبتوه في دفاترهم، من سؤال رأس الجالوت مولانا أبا الحسن الرضا
~~عليه السلام، وما أجابه الإمام عليه السلام لحكمة بالغة لا تبلغها أيدي
~~الخائضين في الحكمة المتعالية، فضلا عن الفلسفة الرسمية، وأسرار رائقة لا
~~يكاد ينالها إلا من أتى البيوت من أبوابها، وأنوار بارقة لا يستنير بأشعتها
~~الشارقة إلا من اقتبس من مشكاة الولاية الفائقة.
# وإني بعد ما نصفت السبعين، وكنت في عشر الأربعين، اطلعت على هذه الرواية،
~~واستسعدت بتلك الزيارة، فوجدتها عذراء لم يطمثها قبل ذلك الأوان إنس ولا
~~جان، بل لم يخطبها الفحول ولا الفتيان، وكيف لهم من ذلك، وإنها لمن أهل بيت
~~النبوة، ولم يكافئها أحد من الأمة، اللهم إلا من آجر نفسه ثماني حجج من
~~اثنتي عشر من الحجج، وتقلد بالتابعية المحضة، وفاز بالمحبوبية الكاملة، حتى
~~يكون الله سبحانه سمعه وبصره وعقله، فيسمع بسمعه، ويبصر ببصره، ويعقل بعقله
~~(5) إذ لا يحمل عطاياهم إلا
PageV00P040
# مطاياهم، ولا يعلم ما في الدار إلا محارم الأسرار.
# وهذا المسكين وإن كان قليل البضاعة في هذه التجارة، ولم يسعد لتلك
~~الإجارة، إلا أن الكريم لا ينظر إلى البضاعة ونفاقها (1) ويبتدئ بالنعم قبل
~~استحقاقها، فلقد أتى علي حين من الدهر لم أكن متفحصا لآثارهم، خادما
~~لأخبارهم، راصدا لأسرارهم، سائرا في أنوارهم، حتى أتاني في مبشرة نومية أمر
~~من جنابهم بالنظر في خطابهم، فقمت بمأمورهم، حتى فتح الله بصيرتي بسرورهم،
~~وشرح صدري بنورهم، وزاد في يقيني بأمورهم، ولعمر الحبيب إن أمرهم صعب
~~مستصعب، لا يحتمله إلا ms11 نبي مرسل، أو ملك مقرب، أو مؤمن ممتحن قلبه للإيمان
~~عند الرب (2).
# فمن تلك الفتوحات ما ألهمت من شرح هذا الحديث العويص شرحا لا يحيف عن
~~الحق ولا يحيص (3) وليس ذلك إلا من اقتباس نورهم، بل هو جذوة (4) من قبسات
~~طورهم، وما أقول إلا ما القي في الروع، ومن الله المعونة في البدء والرجوع،
~~وهو حسبي ونعم الوكيل، وعلى الله قصد السبيل ولنسم تلك المقالة ب "
~~الفوائد الرضوية " ونرتبها على مقدمة وثلاث فوائد وخاتمة، مستعينا بالله في
~~الأولى والآخرة.
PageV00P041
### | ذكر الخبر وتوضيح ألفاظه
PageV00P043
# روى أصحابنا رضوان الله عليهم: أنه سأل رأس الجالوت الرضا عليه التحية
~~والثناء بأن قال: يا مولاي، ما الكفر والإيمان، وما الكفران، وما الجنة
~~والنيران، وما الشيطانان اللذان كلاهما المرجوان، وقد نطق كلام الرحمن بما
~~قلت، حيث قال في سورة الرحمن: * (خلق الإنسان علمه البيان) * (1).
# فلما سمع الرضا عليه السلام كلامه لم يحر جوابا، ونكت بأصبعه الأرض،
~~وأطرق مليا، فلما رأى رأس الجالوت سكوته عليه السلام حمله على عيه (2)
~~وشجعته نفسه لسؤال آخر.
# فقال: يا رئيس المسلمين، ما الواحد المتكثر، والمتكثر المتوحد، والموجد
~~الموجد، والجاري المنجمد، والناقص الزائد؟
# فلما سمع الرضا عليه السلام كلامه، ورأى تسويل نفسه له، قال: (أيش تقول
~~يا بن أبيه، وممن تقول، ولمن تقول؟! بينا أنت أنت صرنا نحن نحن، فهذا جواب
~~موجز.
# وأما الجواب المفصل فأقول: إعلم إن كنت الداري والحمد لله الباري: أن
~~الكفر كفران، كفر بالله وكفر بالشيطان، وهما السيان المقبولان المردودان،
~~أحدهما الجنة وللآخر النيران،
PageV00P045
# وهما اللذان المتفقان المختلفان، وهما المرجوان، ونص به الرحمن حيث قال:
~~* (مرج البحرين يلتقيان * بينهما برزخ لا يبغيان * فبأي آلاء ربكما تكذبان)
~~* (1) ويعلم قولنا من كان من سنخ الإنسان، وبما قلنا ظهر جواب باقي (2)
~~سؤالاتك والحمد لله الرحمن، والصلاة على رسوله المبعوث إلى الإنس والجان،
~~ولعنة الله على الشيطان).
# فلما سمع رأس الجالوت كلامه عليه السلام بهت وتحير وشهق شهقة، وقال: أشهد
~~أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وأنك ولي الله ms12، ووصي رسوله،
~~ومعدن علمه حقا حقا.
# بيان ما لعله يحتاج إلى البيان رأس الجالوت: هو أكبر علماء اليهود، وقيل
~~قاضيهم (3).
# ما الكفر والإيمان: الكفر لغة هو الستر والإخفاء، ومنه سمي الزارع والليل
~~ومن لبس ثوبا فوق درعه كافرا (4).
# والكافر اصطلاحا: هو الذي لم يعتقد بوجود البارئ تعالى، أو بأحد صفاته
~~الحسنى، أو بواحد من أنبيائه (5) سمي بذلك لأنه إذا لم يعتقد ذلك فكأنه
~~أخفاه عن عالم الوجود بزعمه، وستره عن مرتبة الشهود باعتقاده.
# والإيمان لغة: هو التصديق (6) وفي الشرع هو الاعتقاد بوجود البارئ جل
~~مجده، وبصفاته العليا كما يليق به تعالى، ووجود ملائكته المدبرة، وكتبه
PageV00P046
~~المنزلة، ورسله المرسلة، وبما جاؤوا به من عنده، وعدم
~~التفريق بينهم (1) وسيجئ تحقيق الكفر وحقيقة الإيمان إن شاء الله الرحمن.
# وما الكفران: هما الكفر بالله والكفر بالشيطان، كما سيأتي هذا التفصيل في
~~كلام إمام الإنس والجان عليه السلام.
# وما الشيطانان: الشيطان إما من شاط إذا بطل، أو من شطن إذا بعد (2).
# وبالجملة: الشيطان هنا هو ما سوى الله تعالى (3) أما على المعنى الأول:
# فلأن جميع ما سوى الله باطل هالك، وأما على المعنى الثاني: فلأن ما عداه
~~باعتبار كونه سواه بعيد عنه جل وعلا، ومن ذلك سمي كل عات متمرد من الإنس
~~والجن والدواب شيطانا (4).
# * (خلق الإنسان) *: أي الإنسان الكامل الذي لا أكمل منه، والبشر النوري
~~الذي هو أبو البشر بالحقيقة، وإن كان من أبناء آدم أبي البشر بحسب
PageV00P047
PageV00P048
PageV00P049
~~الصورة، والعقل الذي هو النور المحمدي صلى الله عليه وآله، وقد دل على
~~ذلك:
# النقل الصحيح (1) والكشف الصريح، بل العقل البرهاني المؤيد بالنور
~~السبحاني.
# وفي رواية: (الإنسان هو أمير المؤمنين عليه السلام، علمه بيان كل شئ مما
~~يحتاج إليه الناس) (2) والمآل واحد، لأن نورهما واحد، بل هما واحد (3).
# * (علمه البيان) *: عدم الفصل بالعاطف لأنه بيان للخلق، أي خلقه بمحض
~~تعقله نفسه، عز شأنه، بأن جعله مظهر معقولاته، ومستودع علمه، ومعدن
PageV00P050
~~بياناته التي هي الجواهر العقلية، والأنوار الإلهية التي
~~صارت في تلك المرتبة المظهرية أسماء إلهية جمالية وجلالية (1) وبالحقيقة
~~جعله نفس ذلك العلم والبيان كما يراه أهل العرفان.
# ويؤيد ما قلنا في معنى البيان ما ورد في الخبر أن: (البيان هو الاسم
~~الأعظم الذي علم به كل شئ) (2).
# ثم استشهاد السائل بالآية ms15 الكريمة يحتمل وجهين:
# الاحتمال الأول: أنه سبحانه خلق هذا الإنسان بأن علمه بيان كل شئ، بل هو
~~- أي ذلك الإنسان - بيان كل شئ، فيجب أن يجيب عن هذه
PageV00P051
# الأسئلة من هو من سنخ ذلك الإنسان، ويدعي أنه وصيه والخليفة من بعده،
~~والحافظ لعلومه وأسراره، ولهذا لما أجاب الإمام عليه السلام بما أجاب قال:
# ويعلم قولنا من كان من سنخ الإنسان، أي كما أن المجيب يجب أن يكون
PageV00P052
~~من سنخ هذا الإنسان باعتبار النورية والبضعية ومن حيث
~~التأحد في المراتب النزولية والصعودية، كذلك الذي يفهم هذا الجواب يجب أن
~~يكون من سنخه ومن شيعته باعتبار التابعية.
# والاحتمال الثاني: هو أن الذي طلبته من حقيقة الكفر والإيمان، وتحقيق
~~الجنة والنيران، وما الشيطانان، إنما هو كله في الإنسان، لا ينفلت منه شئ،
~~وهو مظهر تلك الأشياء، وبه تتحقق هذه الأسماء، لأن الله خلقه بأن جعله
~~الكتاب المبين، وقد قال جل من قائل: * (ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين)
~~* (1) فيجب أن يجيب على هذه الحقائق من يترقى إلى هذه الرقائق (2).
# ويؤيد ما احتملنا ما روي عن الصادق عليه السلام أنه قال: (إن الصورة
~~الإنسانية أكبر حجة الله على خلقه، وهي الكتاب الذي كتبه بيده، وهي الهيكل
~~الذي بناه بحكمته، وهي مجموع صور العالمين، وهي المختصر من اللوح المحفوظ،
~~وهي الشاهد على كل غائب، وهي الحجة على كل جاحد، وهي الطريق المستقيم إلى
~~كل خير، وهي الصراط الممدود بين الجنة والنار) (3). صدق ولي الله.
# لم يحر جوابا: أي لم يرد جوابا، يقال: كلمته فما أحار جوابا أي ما رده
~~(4).
# نكت بأصبعه الأرض: أي ضرب به الأرض، كما يفعله المتفكر في شئ المتردد فيه
~~(5).
# أطرق مليا: بتشديد الياء من غير همز أي سكت طائفة من الزمان (6) والمراد
~~هنا بعض الزمان، وإن كان أكثر ما يستعمل في الزمان الطويل (7)
PageV00P053
# ويمكن أن يكون الطول باعتبار زمان التخاطب وبحسب ما يتعارف الفصل بين
~~السؤال والجواب، فإذا تجاوز من ذلك الحد عد طويلا.
# قال في " الكشاف " في قوله: * (واهجرني مليا) * (1): أي زمانا طويلا من
~~الملاوة مثلثة، وهي الحين والمدة ms17 من الزمان (2).
# وقال " المطرزي " في " المغرب ": الملي الساعة الطويلة، عن " الجوزي "
~~(3) وعن " أبي علي " هو المتسع، يقال: انتظرته مليا من الدهر أي متسعا منه،
~~قال: وهو صفة استعملت استعمال الأسماء، وقيل في قوله تعالى: * (واهجرني
~~مليا) * أي دهرا طويلا. والتركيب دال على السعة والطول، منه الملاء للمتسع
~~من الأرض (4).
# حمله على عيه: العي - بالكسر - خلاف البيان (5).
# ما الواحد المتكثر: تقديم الواحد على المتكثر وإيراد الثاني بصيغة التفعل
~~دون الأول، يدل على أن وحدة هذا الموجود بالذات والكثرة بالاعتبار والجهات.
# وما المتكثر المتوحد: عكس الترتيب هنا للدلالة على العكس، وإيراد
~~الصيغتين على التفعل للدلالة على أن كلا من الصيغتين باعتبار أمر آخر (6)
~~إما أعلى منه أو أسفل، أو للإشارة إلى أن أصله الوحدة، إلا أنه يتكثر
~~بالعرض ثم يتوحد ويرجع إلى أصله، كما ستطلع عليه إن شاء الله.
# الموجد الموجد: الأول بصيغة المفعول والثاني على الفاعل لرعاية السجع،
PageV00P054
~~ولأن الممكن ما لم يوجد لم يوجد (1).
# الجاري المنجمد: أي المتحرك الثابت الذات كما في المتقضيات (2) أو
~~المتحرك في الواقع بحسب الدرجات الثابت في الحس والخيالات كما في الراكدات،
~~قال الله جل مجده: * (وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب) * (3).
# الناقص الزائد: أي الذي يقبل الزيادة والنقيصة.
# لما رأى تسويل نفسه: أي تزيين نفسه له (4) بحمله هذا السكوت على العي
~~والعجز منه عليه السلام، حتى اجترأ على سؤال آخر قبل أن يستسعد بجواب
~~الأول.
# أيش تقول: هو مخفف أي شئ تقول، ويحتمل سكون الشين وتنوينها بالكسر.
# يا بن أبيه: تعريض بحقارته، لأن المرء إذا لم يستقل بنفسه ولم يعرف من
~~حيث شأنه ينسب إلى أبيه، ويمكن أن يكون تعريضا بجهالته، وأكثر ما يستعمل في
~~مجهول النسب.
# ممن تقول: كلمة " من " الجارة للابتداء، أي هذا القول ليس منك ولا من
~~شأنك، وإنما هو من غيرك، بأن يكون قد أخذ من كتب الأنبياء أو وجد في كلام
~~الأوصياء والحكماء، أو مما قاله عن الله، كما نبه عليه السلام في أول جوابه
~~على ms18 التوحيد التام، واستهلاك الخاص والعام، فليس القائل والمتكلم بالحقيقة
~~إلا ذو الجلال، فيكون على طريقة قوله تعالى: * (وما رميت إذ رميت) * (5)
~~فتحدس.
PageV00P055
# ولمن تقول: أي لا يليق بك أن تسأل على سبيل الإفحام عن هذه الأسئلة مثلي
~~الذي هو الغرض من إيجاد تلك الحقائق المسؤول عنها، بل بنوره استنارت تلك
~~الأشياء (1) بل بصنعه تصورت هذه الرقائق بصورها،
PageV00P056
PageV00P057
PageV00P058
# كما ينادي بذلك قولهم عليهم السلام: (نحن صنائع الله والخلق صنائع لنا)
~~(1).
# ويخطر بالبال لهذه الأقوال الثلاثة معنى آخر قوي عندي، وهو أن يكون مراد
~~الإمام عليه السلام من قوله: " أي شئ تقول وممن تقول ولمن تقول " أن السؤال
~~والمسؤول والمسؤول عنه إنما هي نشآت نوره ومعارج كمالاته، فبالحقيقة لا
~~تغاير بينها، أو أن هذه الحقائق هي اعتبارات نور الأنوار بحسب المقامات،
~~ومرايا نور وجهه الكريم على سعة وضيق الدرجات، وإلا فأين الشئ وأين المسؤول
~~والمسؤول عنه في نظر أرباب المشاهدات؟! كما قيل في النظم الفارسي:
# هم خود الست گويد وهم خود بلى كند.
# بينا: اعلم أن " بينا " هي كلمة " بين " المشبعة (2) جئ بها للمفاجآت،
~~وكثيرا ما يكون بعدها الجملة الإسمية، لكن يجب أن يكون جوابها مما يتفق
~~وجوده في زمان تحقق مدخولها، بل يتسبب عن الذي بعدها، سواء كان من
PageV00P059
# الأسباب الذاتية أو العرضية أو الاتفاقية، فقولك: " بينا زيد يضرب عمرا
~~إذ مات عمرو " معناه أن الضرب صار سببا لموت عمرو، إذ لو لم يضربه لم يمت.
# وبالجملة: من المستبين عند المهرة من أهل اللسان أن لجملة " بينا " دخلا
~~في الجملة الجوابية أي دخل كان، وهذا الذي قلنا يعرفه من له مشرب تام ms21 في
~~العلوم الأدبية، ومن ذلك فليتحدس المتفرس سببية قوله: " كنت أنت أنت "،
~~لقوله: " صرنا نحن نحن " وسيجئ زيادة كشف لذلك صريحا إن شاء الله تعالى.
# أنت أنت: الخطاب إما أن يتوجه إلى الله صريحا بأن يكون
PageV00P060
PageV00P061
# الإمام عليه السلام أعرض عن السائل من حيث إنه أساء الأدب بالنسبة إليه
~~عليه السلام، ثم توجه إلى الله وخاطبه بما هو جواب للسائل بأدق طريق وأكمل
~~تحقيق، وإما أن يتوجه إلى السائل لا من حيث نفسه، بل من حيث إنه مستهلك
~~بذاته عند نظر الإمام عليه السلام، والقيوم قائم مقامه، لأنه سبحانه القائم
~~على كل نفس بما كسبت، وإذا كان هو القائم على النفوس فالكل قاعد عن ادعاء
~~الوجود، راجل عن البروز إلى عرصة الشهود، عاجز عن الانتساب إلى مرتبة من
~~مراتب التحقق، واقف على عدمه الأصلي في ميدان التسابق، وأصدق بيت قالته
~~العرب:
# ألا كل شئ ما خلا الله باطل (1)...
# وهذه الحيثية هي التي نفى بها الإمام عن السائل هذا القول، ونسبه إلى
~~الله عز شأنه، كما ذكرنا في أحد احتمالي قوله: " ممن تقول " والمآل في
~~توجيهي الخطاب إلى أمر واحد والتغاير بمحض الاعتبار، فافهم راشدا.
# صرنا نحن نحن: أي صيرورتنا نحن متسببة عن كونك أنت أنت، بمعنى أنك كنت
~~أولا أنت مرة واحدة إذ لا نعت في الحضرة الأحدية ولا اسم ولا رسم هناك،
~~فلما رأيت نفسك وعقلت ذاتك ms23 كنت أنت أنت مرتين، فتحققت الغيرية التي هي أصل
~~العدد وإن كانت بالاعتبار فصرنا نحن نحن، وعبر عن تلك المرتبة الذاتية
~~بقوله: " بينا أنت أنت ".
PageV00P062
# فهذا جواب موجز: أي هذا الذي قلت إنما هو جواب مجمل عن بعض سؤالاتك وهو
~~السؤال الثاني عن الحقائق الخمسة المصدرة بقوله ما الواحد المتكثر إلى آخر
~~الخبر.
# وأما الجواب المفصل: أي الجواب عن سؤالك الأول بأدنى تفصيل هو ما أقول:
# أن الكفر كفران: وجه التقديم والتأخير في السؤال والجواب أن للسائل
PageV00P063
# من حيث هو سائل مقام الخضوع للتعلم، فاللائق به التدرج من المقام الأدنى
~~إلى الأعلى، ولأن الشائع في السؤال الابتداء بالأسهل إلى أن ينتهى إلى
~~الأعضل، وللمجيب من حيث إنه مجيب مقام الاستعلاء للتعليم، فكأنه يجئ من
~~العلو فيخبر عن مقام ms24 العقل والعالم العلوي إلى المرتبة النفسية والعالم
~~السفلي، فلهذا أجاب الإمام عليه السلام أولا عن الحقائق البدوية، ثم أجاب
~~عن الكفر والإيمان اللذين هما من الأعراض والصفات النفسانية، وأيضا الأنسب
~~في التعاليم تقديم الموجز على المفصل كما لا يخفى.
# كفر بالله: اعلم أن هذا الكفر وقسيمه هو للخواص، وليس من كفر العوام، بل
~~المتوسطين في شئ، فللكفر دركات لا تحصى كما أن للإيمان درجات لا تتناهى،
~~وقد عبر عن تلك المراتب بالأجزاء في الأخبار (1) فافهم.
# ثم بعد ما تعرفت من معنى الكفر اللغوي اعلم أن الكفر بالله هو اعتقاد أن
~~الله عز برهانه غيب ما ظهر قط، وهذا هو القدر المشترك بين طبقات الكفر،
~~لأنه يشتمل على كونه سبحانه منفيا مطلقا أو غيره:
# فمنها: القول بالنفي والتعطيل (2).
# ومنها: القول بالوجود، وأنه الظاهر بمعنى كون مصنوعاته ظاهرة تدل عليه
~~(3) فهو الظاهر بواسطة الدلالات والعلامات، وهذا من قبيل قول بعضهم: إن
~~الكلي موجود بمعنى كون أفراده موجودات (4).
# والقائل به وإن كان في زمرة المسلمين لكنه كفر خفي عند العارفين،
PageV00P064
# وهو كفر أهل العلم من المتكلمين والمتفلسفين وبعض المتصوفة وأكثر
~~النصارى، حيث زعم الأولان أن الله غيب ويدل عليه بالآيات، والآخر أنه
~~سبحانه يحل في هياكل الكمل كالمسيح وغيره من الأبرار (1) وزعم بعض الفرقة
~~الثالثة أنه سبحانه تطور بلباس (2) الأكوان واختفى بها (3) وأن الممكنات
~~عوارض الموجود الحقيقي الذي هو الله تعالى بزعمهم.
# وقد رد عليهم سيد الشهداء عليه وعلى آبائه وأولاده شرائف الصلاة والثناء
~~حيث قال في دعاء عرفة: (كيف يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك، أيكون
~~لغيرك من الظهور ما ليس لك، حتى يكون هو المظهر لك، متى غبت حتى تحتاج إلى
~~دليل يدل عليك، ومتى بعدت حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك، عميت عين لا
~~تراك ولا تزال عليه رقيبا) (4).
# وأما البرهان على ذلك من طريق الإيجاز: فهو أن اختفاء شئ بشئ
PageV00P065
# يستلزم (1) ثبوت الثاني عند الأول لا محالة، ومن البين عند أهل السابقة
~~الحسنى أن ذلك شرك مع كفر، إذ الكل هالك عند وجهه الكريم، فسبحانه وتعالى
~~عما يقول كل معتد أثيم.
# وكفر بالشيطان: قد عرفت أن الشيطان هنا عبارة عما سوى الله، فاعلم
PageV00P066
# أن الكفر بالشيطان هو اعتقاد أن العالم غيب ما ظهر قط وإنما الظاهر هو
PageV00P067
# الله فحسب، وهذا كفر محققي الصوفية، حيث زعموا أنه سبحانه ظهر بصورة كل
~~شئ، فهذا الزاعم أخفى الشئ الذي هو السوي - أي العالم - وهو الكفر
~~بالشيطان.
# ولا تتوحش من ذلك، فإنه أعلى درجات بالنظر إلى قوم، ولكن (حسنات الأبرار
~~سيئات المقربين) (1).
# قال " صاحب الفتوحات ": إن العالم غيب لم يظهر قط، والحق هو الظاهر ما
~~غاب قط، والناس في هذه المسألة على عكس الصواب، فإنهم يقولون: إن الحق
~~تعالى غيب والعالم هو الظاهر، فهم بهذا الاعتبار في مقتضى هذا الشرك (2).
# أقول: قد غفل هذا العارف عن الشرك اللازم من زعمه، حيث حكم بظهور الحق
~~تعالى وخفاء العالم، وهو أيضا من أنحاء الشرك الخفي، وأما الإيمان الحقيقي:
~~فهو الاعتقاد بأن الله هو الظاهر الباطن، والشاهد الغائب، فهو الظاهر إذا
~~طلبته في البطون، وهو الباطن إذا تفحصت عنه ms27 في الظهور، وهو المنزه عنهما
~~إذا طلبته بكليهما، وأن العالم ظاهر بالله خفي بذاته، فتعرف فإنه باب عظيم
~~للتوحيد.
# اللهم إلا أن يقال: إن مراد " صاحب الفتوحات " بالظهور هو الاستيلاء على
~~الظاهر والباطن، وبخفاء العالم هو العدم الصرف الذاتي والليس المحض
~~الإمكاني.
# وبالجملة: فالطائفة الأولى يقولون ببطونه تعالى فقط، والطبقة الثانية
~~يقولون بظهوره عز شأنه فحسب.
# وهذان الكفران كلاهما جناحان للإيمان الحقيقي، وهو اعتقاد أنه تعالى هو
~~الظاهر الباطن، بمعنى أن ظهوره من حيث بطونه، وأن بطونه عين ظهوره، وأن
~~خفاءه بمحض ظهوره، وهو الذي استولى على ظواهر الأشياء
PageV00P068
# وبطن في خفياتها بحيث لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء كما
~~ورد: (يا خفية ا من فرط الظهور) (1) و (يا من احتجب بشعاع نوره) (2).
# فمن حيث الظاهرية ورد في أدعية الأسبوع: (والخلق مطيع لك خاضع من خوفك،
~~لا يرى فيه نور إلا نورك، ولا يسمع فيه صوت إلا صوتك) (3).
# وفي خبر آخر حيث خوطب الراوي بقوله عليه السلام: (ألست تراه في وقتك هذا)
~~(4)؟!
# وفي آخر: (عميت عين لا تراك ولا تزال عليها رقيبا) (5).
# وفي خبر آخر: (هو فوق وتحت وأمام وقدام) (6).
# وأما من حيث الباطنية (فلا تدركه الأبصار، وإن الملأ الأعلى يطلبونه كما
~~تطلبونه أنتم) (7).
# وأما من حيث كلتيهما فقد ورد: (أين الشئ ومتى الشئ خفيا كان أو جليا).
# حيث روي في الكافي عنهم عليهم السلام في معنى " الله أكبر " حين قال
~~الراوي في معناه: الله أكبر من كل شئ، قال عليه السلام في رده: (أين الشئ؟!
~~بل هو أكبر من أن يوصف) (8).
# وبالجملة: المؤمن الحقيقي والرجل العلمي (9) هو أن يعتقد أن الله هو
~~الظاهر الباطن، الأول الآخر، ولا شئ غيره في الحقيقة، بل جميع ما سواه باطل
~~محض هالك أزلا وأبدا وليس صرف ظاهرا وباطنا.
PageV00P069
# وفي خبر: أصدق قيل قالته العرب قول لبيد.
# ألا كل شئ ما خلا الله باطل (1).
# ونعم ما قيل في النظم العربي:
# لقد ظهرت فلا تخفى على أحد * إلا على أكمه لا ms28 يعرف القمرا لكن بطنت بما
~~أظهرت محتجبا * وكيف يعرف من بالعرف استترا (2) وهما السيان: أي هذان
~~الكفران مثلان، باعتبار أن في كل منهما اعتقاد ظهور ذات وخفاء أخرى كما
~~بينا.
# المقبولان المردودان: هذا يحتمل وجهين:
PageV00P070
# أحدهما: أن كل واحد من الكافرين مقبول عند جماعة مردود عند آخرين، أو
~~كلاهما مقبول ومغتفر من جماعة مثل العوام بل المتوسطين الأبرار، مردود عند
~~أهل الله والمقربين الأخيار، لأن (حسنات الأبرار سيئات المقربين) (1) وكم
~~من مثوبة لعامل هي عقوبة لآخرين.
# وثانيهما: أنهما مقبولان من وجه مردودان من وجه آخر: أما كونهما
PageV00P071
# الإمام مقبولين: فحينما انضم إلى اعتقاد البطون في الأول عقيدة الظهور
~~أيضا، وكذا إلى اعتقاد الظهور في الثاني اعتقاد البطون أيضا، ليرجع إلى
~~الإيمان الكامل. وأما كونهما مردودين: فمن حيث الجمود على كل واحد منهما من
~~دون اعتبار الآخر، وقد أسلفنا لك أن كلا منهما بانفراده كفر أعاذنا الله
~~منه.
# أحدهما الجنة والآخر النيران: هذا أيضا يحتمل معنيين:
# أحدهما: أن يكون المقصود أن الواحد من هذين الكافرين، هو الكفر بالشيطان،
~~وهو جنة المتوسطين من أصحاب اليمين، والآخر وهو الكفر بالله نيران لهم، لأن
~~الكفر بالشيطان، هو الكفر بما سوى الله والعلم بأنه لا شئ محض، وعدم صرف
~~بذاته، وهو أقرب إلى الخلاص (1) من الثاني، وأبعد من الزلل في الطريق
~~الإيماني، ولا ينافي ذلك كونهما على انفرادهما نيران للمقربين، لما عرفت من
~~تفاوت درجات أصحاب القرب وأصحاب اليمين.
# ثانيهما: أن يكون الغرض على نحو ما دريت في وجه الثاني، لقوله:
# المقبولان المردودان، من أن الكفر بالله له اعتباران.
# الأول: الجمود على الطرف الواحد، وهو اعتقاد خفائه وبطونه فحسب.
# والثاني: انضمام اعتقاد الظهور إلى ذلك ليعود إلى الإيمان الحقيقي
~~والتوحيد الخاصي كما قد بينا، وكذا الكفر بالشيطان له اعتباران على قياس
~~الأول، فبالحقيقة هذه الأربعة ترجع إلى ثلاثة أقسام، لاتفاقهما - أي الشقين
~~- في قسم الانضمام الذي هو الإيمان الكامل.
PageV00P072
# فعلى هذا قوله: أحدهما الجنة إشارة إلى شق الانضمام، ولا شك أنه الجنة
~~الحقيقية التي لا جنة فوقها، وقوله: والآخر النيران إشارة إلى الجمود على
~~الطرف الواحد، سواء كان الكفر بالله أو الكفر بالشيطان، وبالحقيقة هما
~~شقيقان لكن لاشتراكهما في الاقتصار على الطرف الواحد ms30 عدهما بالآخر.
# وبالجملة: على الاحتمال الأول يكون الجنة والنار بالنسبة إلى المتوسطين
~~من أصحاب اليمين، وأما على الاحتمال الثاني فهما بالقياس إلى المقربين،
~~فتبصر.
# وهما اللذان المتفقان: لاتفاقهما إذا انضاف إلى اعتقاد الخفاء اعتقاد
~~الظهور، وبالعكس.
# المختلفان: إذا انفرد كل منهما برأسه.
# وهما المرجوان: هذا أيضا يحتمل وجهين على قياس ما سبق في الجنة والنيران:
# الأول: أن يكون المراد أنهما المرجوان للخلاص من المتعلمين والمتوسطين
~~وإن لم يليقا بالمقربين.
# والثاني: أن يكون المقصود أنهما الشيطانان الباطلان البعيدان من رحمة
~~الله الخاصة، ومن الجنة المعدة لأهل السابقة، إذا أخذا على الانفراد، وهما
~~المرجوان للخلاص والنجاة إذا انضما واجتمعا، وقد عرفت أن المجموع هو
~~الإيمان الكامل، وفي كلام السائل أيضا إشارة خفية إلى قوة هذا الاحتمال،
~~حيث قال: وما الشيطانان اللذان كلاهما المرجوان، ولم يقل: كل منهما مرجو،
~~فتدبر.
# ونص به الرحمن: أي بما قلنا من أحكام الظهور والبطون واجتماعهما، حيث عبر
~~عنهما بالبحرين وعن اجتماعهما بالمجمع في موضع، وفي آخر بالالتقاء
~~والاختلاط حيث قال عز شأنه في سورة
PageV00P073
# الرحمن: * (مرج البحرين يلتقيان) * (1) أي خلاهما لا يلتبس أحدهما
~~بالآخر، والمعنى خلط الظهور والبطون، وبعبارة أخرى: الوحدة والكثرة،
~~وبعبارة ثالثة: البحر العذب والبحر المالح.
# وفي مناقب محمد بن شهرآشوب عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى: *
~~(مرج البحرين يلتقيان) *.
# قال: (علي وفاطمة بحران عميقان لا يبغي أحدهما على صاحبه) (2) الخبر.
# وهذا يرجع إلى ما قلنا من الظهور والبطون، فإن الظهور للرجل والستر
~~والبطون للمرأة، ولذلك ورد أن فاطمة عليها السلام هي ليلة القدر (3).
# وهاهنا أسرار لا رخصة في ذكرها أكثر مما ذكرنا، وقد أشرنا إلى لمعة منها
~~في شرحنا لكتاب التوحيد لصدوق الطائفة رضي الله عنه (4).
# * (بينهما برزخ لا يبغيان) *: البرزخ هو الحاجز بين الشيئين (5) والمراد
~~أنهما يتساويان بحيث لا يغلب الظاهر على الباطن، وكذا العكس، ولا ينبغي
~~اعتقاد رجحان أحدهما على الآخر مثل أن يعتقد أن ظهوره غلب بطونه كما يراه
~~طائفة، أو بطونه أشد من ظهوره كما يزعمه جماعة ms31، أو أن ظهوره بشئ وبطونه
~~بشئ، بل هو جل برهانه ظاهر بعين أنه باطن وبالعكس، وأول بنفس أنه آخر
~~وبالعكس، فظهوره من حيث بطونه وبطونه من جهة ظهوره، وقربه من حيث بعده
~~وبعده من وجه قربه، لا بشئ آخر غيره تعالى، فهو الأول والآخر والظاهر
~~والباطن تعالى الله عما يقول الظالمون والعادلون علوا كبيرا.
PageV00P074
# توضيح الخبر 75 وفي رواية عنهم عليهم السلام ذكرها محمد بن شهرآشوب في
~~مناقبه في قوله سبحانه: * (بينهما برزخ لا يبغيان) * (البرزخ رسول الله صلى
~~الله عليه وآله) (1).
# أقول: وذلك لأنه مجمع بحري الظهور والبطون، وبرزخ عالمي الوجوب والإمكان،
~~ومظهر صفتي الجمال والجلال، ومرآة جميع صفات الكمال، ومظهر الاسم الجامع
~~الذي هو الله كما دل عليه الكشف الباهر والعقل القاهر والنقل المتظافر:
# منه قوله تعالى: * (محمد رسول الله) * (2) وقوله عز شأنه: * (إنك لعلى
~~خلق عظيم) * (3).
# وفي الخبر العامي: (كان خلقه القرآن) (4) ولا ريب أن القرآن هو الكتاب
~~الجامع.
# ومنه (آدم ومن دونه تحت لوائي) (5) (ولواؤه لواء الحمد) (6) وهو استجماع
PageV00P075
# صفات البهاء والكمال والمجد.
# وعندي بحمد الله جل برهانه على هذا المقصود برهان قويم وطريق مستقيم
~~ذكرته في شرح التوحيد.
# وبما قلنا ظهر جواب باقي سؤالاتك: أي هذا الذي أفدناك هو جواب سؤالاتك
~~التي بقيت عند الجواب المجمل عن سؤالك الأخير، كما ستطلع عليه إن شاء الله.
# شهق شهقة: الشهيق ضد الزفير، لأن الشهيق رد النفس كما يفعله الواجد
~~والمغتم، والزفير إخراج النفس، كذا في " مجمل اللغة " (1).
# أقول: وربما يستعمل الشهيق في ms32 الصوت العالي وكأنه المراد هاهنا.
# وإذ قد بلغنا هذا المبلغ في شرح الألفاظ فلنأخذ في ذكر الفوائد لحل
~~الألغاز والله المستعان.
PageV00P076
### | الفائدة الأولى تفصيل القول في الجواب عن السؤال الأول
PageV00P077
### || معنى الكفر والإيمان والجنة والنيران والشيطانين
# اعلم أن ما استفيد من
~~كلام الإمام عليه السلام في تحقيق الكفر هو الجواب عن جميع الأشياء الموردة
~~في السؤال الأول، فبالحري أن نفصل القول في ذلك على ما اقتبسناه من مشكاة
~~أنوارهم صلوات الله عليهم لتظهر بعض أسرارهم، فنقول: إن السائل سأل:
# أولا: عن الكفر والإيمان بقوله: ما الكفر والإيمان، فالجواب على ما أفاد
~~الإمام عليه السلام، هو أن الكفر اعتقاد أن يعزب شئ من الظاهر والباطن
~~والغيب والشهادة، أو عالم من العوالم الوجودية، أو مرتبة من المراتب
~~الشهودية، أو ذرة من الجلائل والدقائق، أو حقيقة من الحقائق عن الله جل
~~شأنه أو عن صفاته الحسنى، إذ لا يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في
~~السماء، كما لا يعزب عن علمه مثقال ذرة فيهما (1) نص بهذين الأمرين قرانه
~~المجيد المنزل على رسول الثقلين وإمام العالمين.
# أما الإيمان: فهو التصديق بأن الله جل جلاله هو الموجود الحق والثابت -
PageV00P079
# المحقق، وما سواه هالك باطل أزلا وأبدا، ما شم رائحة الثبوت والوجود، ولا
~~كتب في ناصية إمكانه الشهود، والله هو الظاهر الباطن، وهو الأول الآخر، وأن
~~له الأسماء الحسنى، والصفات العليا لا يشاركه فيها غيره تعالى، ثم اعتقاد
~~ما يتبع ذلك من القول بالملائكة والكتب والرسل المكرمين، وعدم التفريق
~~بينهم على اليقين، بل كأنهم نقاط الدائرة، أو كالحلقة المفرغة، وأما صاحب
~~الدائرة فهو نبينا سيد الأولين والآخرين، وتمام عدة المرسلين، وخاتم فص
~~الرسالة، وختم أمر الدنيا والآخرة، كما يدل على هذا المدعى ms33 تلك الألقاب
~~العليا بعد ما أقيم عليه البرهان، وصدقه كشف أرباب العيان، وفراسة أهل
~~الإيمان.
# وثانيا: سأل عن الكافرين، وأجاب عنه الإمام مولى الثقلين من دون رمز في
~~البيان، بأن الكافرين هما: الكفر بالله، والكفر بالشيطان بالمعنى الذي
~~ذكرنا في البيان.
# وثالثا: سأل عن الجنة والنيران وما لهما من الشأن، والجواب - على ما هو
~~المستفاد من كلام الإمام عليه السلام - أن الجنة الحقيقية هي: التخلص عن
~~ربقة هذين الكافرين والتوجه التام إلى خالق الكونين، ورؤية الكل من الله
~~وبالله ولله وإلى الله، ومشاهدة أن هاهنا نورا واحدا حقا لا يحوم حوله
~~التعدد والكثرة، وصيرورة العبد بحيث لا يرى شيئا إلا ويرى الله قبله، ولذا
~~ورد (ما في أشرف مثوبات الأعمال كلا إله إلا الله) (1) و (في أعظم فوائد
~~التخلق بالصفات أنه النظر إلى وجه الله).
# وبالجملة: جنة المقربين النظر إلى وجه الله ذي الجلال، والرجوع إلى مبدأ
~~الكل بالكمال، والتقرب إليه بالاتصال، والتخلق (2) بصفاته الحسنى
PageV00P080
# بالتفصيل والإجمال، ومشاهدة جمال رب العالمين، الذي هو مبدأ كل حسن
~~وجمال، وعدم رؤية ما سوى الحق المتعال، بل عدم خطوره بالبال، فقد ورد في "
~~الكافي " عن الصادق جعفر بن محمد عليه السلام أنه قال:
# (لو يعلم الناس ما في فضل معرفة الله تعالى ما مدوا أعينهم إلى ما متع
~~الله به الأعداء من زهرة الحياة الدنيا ونعيمها، وكانت دنياهم أقل عندهم
~~مما يطؤونه بأرجلهم، وتنعموا بمعرفة الله، وتلذذوا بها تلذذ من لم يزل في
~~روضات الجنان مع أولياء الله) (1).
# ومما يؤيد ما أسسنا: من أن جنة المقربين هي المعقولات الحقيقية من العلم
~~بالله وصفاته ما في بصائر الدرجات لشيخنا القمي عن نضر بن سويد قال:
# سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: * (وظل ممدود * وماء
~~مسكوب * وفاكهة كثيرة * لا مقطوعة ولا ممنوعة) * (2) قال: (يا نضر والله
~~ليس حيث يذهب الناس، إنما هو العالم وما يخرج منه) (3) الخبر.
# وأما النار فهو التقيد بأحد الكافرين، وحصول فعلية الشيطنة والبعد من
~~الله، وفقدان ms34 المعارف اليقينية والكمالات الحقيقية: من العلم بالله وصفاته،
~~ومعرفة ملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ورسوخ العقائد الباطلة المضادة
~~للمعارف الحقيقية أعاذنا الله منهما بفضله.
# ورابعا: سأل عن الشيطانين، والجواب أن أحدهما هو ما سوى الله باعتبار
~~اعتقاد خفائه تعالى وظهور الغير والسوى، وأما الآخر فهو ما سواه أيضا
~~باعتبار ظهور الحق على هياكل الأشياء وخفاء ما سواه به تعالى، كأنه سبحانه
~~كالعارض لها فيخفى المعروض به تعالى.
# وقد نقل عن ذكر المجوس ما ينتهي إلى ذلك، حيث زعموا أن الله تعالى
PageV00P081
# تفكر في نفسه قبل خلق العالم أنه لو كان له منازع كيف يكون، وهذه فكرة
~~ردية خلق الله منها الشيطان الذي عندهم أهرمن (1).
# وقد عرفت أن ذلك كفر أي طائفة من الإسلامية وغيرهم، وأن من تداركته
~~الرحمة الخاصة الإلهية والسابقة الحسنى الأزلية قد تبر أ من هذا الكفر،
~~ورأى أن الله هو الظاهر والباطن، وأنه أولى بكل شئ من نفسه، وأن ما سواه
~~هالك باطل بذاته وبكليته، هذا ما ظهر لي من جوابه عليه السلام عن السؤال
~~الأول بفضل الله العلي الأجل.
PageV00P082
### | الفائدة الثانية في تحقيق الجواب الثاني وكشف حقائقه على الوجه الشافي
# وفيه مباحث شريفة
PageV00P083
### || المبحث الأول ما الواحد المتكثر
# اعلم أن السائل في المرة الثانية سأل
~~أولا عن الواحد المتكثر، والجواب عنه أنه الصادر الأول المعبر عنه في بعض
~~الاصطلاحات بالعقل الكلي (1)
PageV00P085
PageV00P086
PageV00P087
PageV00P088
PageV00P089
~~والعالم العلوي (1) وفي بعضها بالنور المحمدي (2) ونور الأنوار (3) وعالم
~~الأسماء والصفات (4) ومرتبة الواحدية (5) والعالم الإلهي (6) والمثل
~~النورية (7) إلى غير ذلك من التعبيرات اللائقة.
# والدليل على ذلك من وجهين نقلي وعقلي:
# أما النقلي: فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله ms38 على ما نقل صدوق
~~الطائفة شيخنا القمي رضي الله عنه في كتاب العلل مسندا إلى أمير المؤمنين
~~عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله سئل مم خلق الله عز وجل
~~العقل؟
# قال: (خلقه ملكا له رؤوس بعدد الخلائق، من خلق ومن لم يخلق إلى يوم
~~القيامة،
PageV00P090
PageV00P091
~~ولكل آدمي رأس من رؤوس العقل، واسم ذلك الإنسان على وجه ذلك الرأس مكتوب،
~~وعلى كل وجه ستر ملقى لا يكشف ذلك الستر من ذلك الوجه حتى يبلغ ذلك المولود
~~ويبلغ حد الرجال أو حد النساء، فإذا بلغ كشف ذلك الستر فيقع في قلب ذلك
~~الإنسان نور،
PageV00P092
# فيفهم الفريضة والسنة والجيد والردئ، ألا ومثل العقل في القلب كمثل
~~السراج في البيت) (1). صدق رسول الله صلى الله عليه وآله.
### ||| بيان:
# أقول: عبر صلى الله ms40 عليه وآله عن الحقيقة العقلية التي لكل شئ في عالم
~~العقل وعقل الكل بالاسم، وهو الاسم الإلهي الذي يدبر كل موجود يكون تحت
~~حيطته، وعن تطورها بكسوة الحقائق التي تحتها حين تنزلها بالستر، وعن ظهور
~~المادة العقلية التي هي النفس النطقية من حيث بدو ظهورها عقلا هيولانيا
~~بالكشف حين التولد، وعن البلوغ إلى العقل بالملكة بالبلوغ الذي للرجال وهو
~~الخروج عن المنى - بالضم - كما أن بلوغ الصبيان بخروج المنى - بالفتح - وعن
~~إدراك الحقائق واستفادتها من الجوهر العقلي المفيض وهو مرتبة العقل
~~المستفاد بوقوع النور في القلب، وعن مرتبة العقل بالفعل وصيرورة النفس عقلا